أُحبها

أُحبها

Translate

الجمعة، 4 ديسمبر 2015

الحوار




الكتاب :- إني أنا الكتاب ، ألفني الكّتاب ، لأغذي الألباب ، بالعلوم والعجاب ، فأقبلوا ياصحاب …
التلفاز:- إن تنادي ياصديق ،فإن صدرك سيضيق ، وقد تصاب بجفاف الريق ، فصوتك أصبح كالنعيق .

الكتاب:- ومن تكون يا هذا، يا من بكلامك تتمادى، وعلى الكتاب تتجافى .

التلفاز :- وهل هناك من لا يعرفني ؟ هل هناك من يجهلني ؟ أنا صديق الناس، ومشغل الإحساس ، فبرامجي كالمساج تريح مختلف الأجناس ، فأنا أنا .. أنا التلفاز.

الكتاب :- لا والله ياتلفاز ...
.. فلقد خدعت البشر ، وأعميت البصر ، فنسوا المفيد من الكتب ما ينار به العقل ، وتاهو وراءك يا أداة الشر ، ياجالب الضرر .

التلفاز :- ولكن قراءك قلل ، تصيبهم بالعلل ، وتشعرهم بالملل إلا القلة من البشر .

الكتاب :- أبداً ..أبدا فمنذ أقدم العصور ، من عهد الديناصور ، والخليفة المنصور ، كنت أنير العقول بالعلوم و الفنون ، وأنقلها عبر القرون ، والهضاب والسهول ، و أجوب بها هذا الكون المعمور، والناس في ديارهم جالسون .

التلفاز:- لعل ما قلت صحيح،لكنك تعلم يا فصيح ، أنني عندما أصيح ، الكل يسرع كالريح ، ليشاهد المليح والقبيح ، ويجلس على كرسيه المريح ، إلى أن تسمع الديك يصيح .

الكتاب:- إني لأعرف ما تبث من ضرر ،وما أفظعها من صور، تهدم معاني الفكر، وتنقل حضارة الغجر، وكل أهداف الكفر ،علمتهم شرب الخمر ،ترك الحجاب ونزع الستر، معاني الرذيلة لمواكبة العصر..

التلفاز:- ربما قد أصبت ، لكني قد رأيت البشر يسعون لجلبي إلى البيت ، مهما زاد سعري وغليت ، وأنت حتى لو أماهم ظهرت ، فلن يشتريك لا الولد ولا البنت ،حتى لو رخصت
وبنصف قرش صرت ، فلن يشتروك قط .

الكتاب :- هجرني الكثير ، وصحبني القليل ، ولكني مازلت أهدي العلم المنير ، لكل عقل فهيم ، وإن كان التلفاز قد أغوى بعض الناس و أبعدهم عن الكتاب ، فعلهم يهتدون وإلى الصواب يرجعون ، وعن مصلحتهم يبحثون ، والسلام على المحسنين

خطبة وطنية



                                                           الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)

أما بعد: أيها المسلمون، لقد فطر الإنسان على محبة أمور عديدة، من تلك الأمور أن يحبّ المرء ماله وولده وأقاربه وأصدقاءه، ومن هذه الأمور كذلك حبّ الإنسان لموطنه الذي عاش فيه وترعرع في أكنافه، وهذا الأمر يجده كل إنسان في نفسه، فحب الوطن غريزة متأصّلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحنّ إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجِم، ويغضب له إذا انتُقص.
ومهما اضطر الإنسان إلى ترك وطنه فإنّ حنين الرجوع إليه يبقى معلّقاً في ذاكرته لا يفارقه، وهذا الأمر ـ وهو حب الإنسان لوطنه ـ غريزة في بني الإنسان، وجدها أفضل الخلق صلوات ربي وسلامه عليه، فقد أخرج الترمذي في جامعه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة: (ما أطيبكِ من بلد، وما أحبكِ إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيركِ).
فهو صلى الله عليه وسلم يحب مكة حباً شديداً، كره الخروج منها لغير سبب، ثم لما هاجر إلى المدينة واستوطن بها أحبها وألفها كما أحبّ مكة، بل كان صلى الله عليه وسلم يدعو أن يرزقه الله حبَّها كما في صحيح البخاري: (اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبّنا مكة أو أشد)، ودعا عليه الصلاة والسلام بالبركة فيها وفي رزقها كما دعا إبراهيم عليه السلام لمكة. ونلاحظ أنّ حب النبي متأثر بالبيئة التي عاش فيها، فقد كان يحب مكة ويحنّ إليها، ثم لما عاش صلى الله عليه وسلم في المدينة وألفها أصبح يدعو الله أن يرزقه حباً لها يفوق حبه لمكة.
وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من المدينة لغزوة أو نحوها تحركت نفسه إليها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته ـ أي: أسرع بها ـ وإذا كانت دابة حركها من حبها. رواه البخاري. قال ابن حجر في الفتح والعيني في عمدة القاري والمبارك فوري في تحفة الأحوذي: "فيه دلالة على فضل المدينة وعلى مشروعية حب الوطن والحنين إليه".
وفي صحيح البخاري: لما أخبر ورقة بن نوفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قومه ـ وهم قريش ـ مخرجوه من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أوَمخرجِيَّ هم؟!) قال: نعم، لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزَّرا.
قال السهيلي رحمه الله: "يؤخذ منه شدّة مفارقة الوطن على النفس؛ فإنّه صلى الله عليه وسلم سمع قول ورقة أنهم يؤذونه ويكذبونه فلم يظهر منه انزعاج لذلك، فلما ذكر له الإخراج تحرّكت نفسه لحبّ الوطن وإلفه، فقال: (أوَمخرجِيَّ هم؟!).
أيها الأحبة، إن الحديث عن الوطن والحنين إليه يذكّر المؤمن بالله تبارك وتعالى بالوطن الأول ألا وهو الجنة. نعم، ذلك هو موطننا الأصلي الذي غفل عنه معظم الناس، (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ).
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: المؤمن في الدنيا مهموم حزين، همّه التزود بما ينفعه عند العود، فمن حين خلق الله آدم عليه السلام وأسكنه هو وزوجته الجنة ثم أُهبط منها ووعد بالرجوع إليها وصالحو ذريتهما.، فالمؤمن أبدا يحنّ إلى وطنه الأول، وحب الوطن من الإيمان.
قال ابن القيم رحمه الله في قصيدته الميمية:
فحيّ على جنات عدنٍ فإنها منازلك الأولى وفيها المخيَّم
ولكننا سبي العدوّ فهل ترى نعود إلى أوطاننـا ونسلَم؟
وكان على بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: (إنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل).
ولهذا كان المؤمن غريبا في هذه الدار أينما حلّ منها فهو في دار غربة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) أخرجه البخاري.
واعلم ـ أيها المؤمن ـ أن هذه الغربة سرعان ما تنقضي وتصير إلى وطنك ومنزلك الأول، وإنما الغربة التي لا يرجى انقطاعها هي الغربة في دار الهوان، حينما يسحب المرء على وجهه إلى جهنم والعياذ بالله، فيكون بذلك قد فارق وطنه الذي كان قد هيّئ وأُعد له، وأُمر بالتجهيز إليه والقدوم عليه، فأبى إلا الاغتراب عنه ومفارقته له، فتلك غربة لا يرجى إيابها ولا يجبر مصابها.
فأعظم حنين ينبغي أن يكون إلى وطننا الأول سكن الأبوين ودار الخلد والنعيم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة) أخرجه البخاري، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم واصفاً الجنة: (لبنة ذهب ولبنة فضة، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم لا يبأس، ويخلد لا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه) أخرجه أحمد والترمذي، وفي الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك)، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (في الجنة خيمةٌ من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلاً، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمن)، وفي الصحيحين قال رسول صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها)، وعند الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب)، وعند أحمد في مسنده قال رجل: يا رسول الله، ما طوبى؟ قال: (شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها).
عباد الله، يقول ربنا تبارك وتعالى واصفاً لنا حقيقة الدنيا وحقارتها ودناءتها؛ حتى نستعد ونتأهب لدار القرار، جعلنا الله وإياكم وسائر المسلمين من أهلها: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)، وقال تعالى: (إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ)، وقال سبحانه وتعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور). وعند البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها). بلغني الله وإياكم جنته ورضاه، وجنبني وإياكم سخطه ولضاه وبارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم....

قالوا عن اللغة العربية

  • إرنست رينان (الفرنسي.: اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة.
  • الألماني فريتاج: اللغة العربية أغنى لغات العالم.
  • وليم ورك: إن للعربية ليناً ومرونةً يمكنانها من التكيف وفقاً لمقتضيات العصر.
  • د. عبد الوهاب عزام: العربية لغة كاملة محببة عجيبة، تكاد تصور ألفاظها مشاهد الطبيعة، وتمثل كلماتها خطرات النفوس، وتكاد تتجلى معانيها في أجراس الألفاظ، كأنما كلماتها خطوات الضمير ونبضات القلوب ونبرات الحياة.
  • مصطفى صادق الرافعي: إنما القرآن جنسية لغوية تجمع أطراف النسبة إلى العربية، فلا يزال أهله مستعربين به، متميزين بهذه الجنسية حقيقةً أو حكماً.